الاسراء والمعراجحينما أسري برسول اللهمن مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !)... فقال لهم أبو بكر : إنكم تكذبون عليه )... فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه ) ...
ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول فقال : يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)... قال : نعم )... قال : يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )... فقال رسول الله : فرفع لي حتى نظرت إليه )... فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبوبكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله )... حتى إذا انتهى قال الرسوللأبي بكر : وأنت يا أبا بكر الصديق )... فيومئذ سماه الصديق ...
الصحبه
لقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة
فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )"
كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله في الهجرة
فقال له الرسول : لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )... فطمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال : ما جاء رسول الله هذه الساعة إلا لأمر حدث )...
فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول : أخرج عني من عندك )... فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)
فقال : إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )...
فقال أبو بكر : الصُّحبة يا رسول الله ؟)... قال : الصُّحبة )... تقول السيدة عائشة : فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )... ثم قال أبو بكر : يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )... فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما ...
أبواب الجنة
عن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب - يعني الجنة - يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان )... فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة )... وقال : هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله )... قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر )...
مناقبه وكراماته
مناقب أبو بكر - رضي الله عنه - كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب : ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني )... وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول - التي تخفى على غيره كحديث : أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول وإقراره على ذلك ...
وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحف الشريف ، وأول من أقام للناس حجّهم في حياة رسول الله وبعده ... وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر ... كما أنه - رضي الله عنه - لم يفته أي مشهد مع الرسول... وقد قال له الرسول : أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً ...
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال : كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!)...
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : كنت جالسا عند النبي إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي أما صاحبكم فقد غامر )... فسلم وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك )... فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر )... ثلاثا ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : أثم أبو بكر )... فقالوا : لا )... فأتى إلى النبي فسلم ، فجعل وجه النبي - يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )... فقال النبي - : إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )... مرتين فما أوذي بعدها ..
.
خلافته
وفي أثناء مرض الرسول أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له : يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)... فرد عليه عمر : أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) ...